الجمعة، 23 يناير 2015

بدرية التي فشلت لحد الحضيض ثم قام والدها بإنتشالها



تفوقت الشابة بدرية العنزي في مرحلة الثانوية العامة.

كانت من الأوائل على مستوى منطقة الرياض في تخصُّصها العلمي. رحبت بها كل كليات جامعة الملك سعود. اختارت كلية الطب؛ لتصبح مثل أبيها.

 تابعت تفوقها المبكر وحققت نتائج إيجابية، لكن في عامها الثالث تراجعت تدريجيا بعد أن افتتنت بالتصميم الرقمي والمنتديات الإلكترونية التي تعنى بالجرافيكس، ما أثر سلبا في درجاتها وتحصيلها. حاولت أن تجمع بين دراستها وهواية التصميم لكن لم تنجح. طردت من الجامعة بعد أن استنفدت كل الفرص التي أتيحت لها.

عاشت أياما عصيبة حتى افتتحت مع شقيقها شركة للتسويق والإعلان تساعدها على استثمار موهبتها كما ينبغي. ظلت أربع سنوات تكافح لتحصل على فرص جيدة في السوق دون أن تنجح. 

إيرادات شركتها لم تساعدها حتى على تسديد إيجار مقر المكتب. كانت تستدين أجور الموظفين الذين يعملون معها من أبيها. اضطرت بدرية لأن تغلق الشركة. الخسائر تتضاعف.

ما زاد من أوجاع بدرية هو مشاهدتها زميلاتها السابقات في كلية الطب يتخرجن في كلية الطب وهي لم تتخرج ولم تنجح في عملها الخاص. أحست أنها ماتت وهي ما زالت في عز شبابها.

حاول والدها أن يمسح أحزان ابنته وذلك بالتقاعد والإقامة في البحرين لتكمل ابنته دراستها بعد أن أوصدت معظم الجامعات السعودية أبوابها في وجهها بسبب سنها.

بعد أن حصلت على البكالوريوس ثم الماجستير من البحرين ذهبت برفقه أبيها إلى بريطانيا لدراسة الدكتوراه.

دفع والدها تكاليف دراستها في عامها الأول، ثم حصلت على منحة دراسية. ستحصل بدرية في هذا الصيف على درجة الدكتوراه في تخصص التصميم الرقمي.


يقوم آباؤنا بأدوار عظيمة في حياتنا. يدفعون ويضحون. يعملون ويجتهدون من أجلنا بصمت جليل.

إنهم خلف ابتسامة بدرية وابتسامة الكثير من البشر الذين يسيرون بمحاذاتنا في الشوارع. فتشوا في كل تجعيدة على رقابهم وجباههم. خلف كل واحدة منها تضحيات جمة وقصص هائلة.


محظوظ كل من يمشي على هذه الأرض وما زال ينعم بأبيه. دللوهم وأسعدوهم وقبلوا أياديهم قبل أن يختفوا، ولا تعثروا حتى على ظلالهم لتعانقوها وتحتضنوها. إن أصعب ما قد يواجهنا أن نركض بحثا عن آبائنا لنحتضنهم فنتعثر بسرابهم.







بقلم عبدالله المغلوث

فهاد الحمد ... من طالب شهادة المتوسطة إلى وزير للأتصالات و المعلومات !


ولد فهاد بن معتاد الحمد في سكاكا بالجوف، نشأ في ظروف صعبة، تخرج في المرحلة المتوسطة ثم يمّم وجهه شطر الرياض بحثا عن وظيفة يتجاوز بها شظف العيش الذي يحاصره ريب المنون، وقتئذ التحق بمعهد التربية الفنية للمعلمين بالرياض بعد أن سمع عن المقابل المادي، الذي يناله الطالب وهو يدرس، كان حلما أن يتعلم ويأخذ مالا معا.

بعد ثلاث سنوات استيقظ فهاد من حلمه بعد أن تخرج في المعهد بتفوق، عاد إلى مسقط رأسه متسلحا بشهادته، عمل مدرسا في المدرسة نفسها، التي تخرج فيها، بل درّس بعض رفاق فصله الذين لم يكتب لهم تجاوز المرحلة المتوسطة. برز اسم فهاد في المدرسة بعد أشهر قليلة من قدومه إليها إثر حماسته وجديته، عين مساعدا لمديرها الذي تتلمذ على يديه طالبا، لكن رغم كل النجاحات التي حققها فهاد في مدرسته كان يشعر بمرارة، يحس أن هذا المكان ليس مكانه.

عندما أصبح درساً للتربية الفنية



تابع دراسة الثانوية من المنزل، ساورته الشكوك في قدرته على الظفر بهذه الشهادة آنذاك، ولا سيما أنه كان شاهدا على إخفاق البعض وهم منتظمون، فما بالك بغير المنتظمين مثله؟! لم يركن إلى شكوكه، انتصر لعزيمته، حصل على الثانوية العامة “منازل” فارتفع سقف طموحاته، صرخ صوت في أعماقه يدعوه إلى المواصلة، كانت الخيارات محدودة أمامه، لكن توكل على الله وعقد العزم، انضم إلى جامعة الملك عبد العزيز في جدة منتسبا، كانت التحديات أصعب من أن يتخيل، واجه عقبات كثيرة في المواد العلمية، لم يكن هناك إنترنت يبحث في دهاليزه عن شروحات أو تبسيطات أو أستاذ يشرح له، كان يواصل الليل بالنهار كي يجيد حل مسألة واحدة، لم يضيِّع الله مجهوده، تخرج في الجامعة بمرتبة الشرف عام 1979، آمن فهاد حينذاك أنه على الطريق الصحيح، رأى أنه حان الوقت ليكمل دراساته العليا، لكن تبقّى السؤال الأصعب: كيف وهو معلم؟ طرَق أبوابا عديدة في جامعات ومؤسسات حكومية مختلفة دون جدوى. وحده مدير معهد الإدارة الأسبق، محمد الطويل، الذي شرع قلبه وبابه له، نقل خدماته من وزارة المعارف آنذاك إلى معهد الإدارة وابتعث لدراسة الماجستير ولاحقا الدكتوراه من أمريكا، عاد إلى المعهد دكتورا في الفلسفة، تدرج سريعا في المناصب حتى وصل إلى وظيفة نائب مدير المعهد قبل أن يتم اختياره عضوا لمجلس الشورى، ويشغل حاليا الدكتور فهاد وظيفة مساعد رئيس مجلس الشورى بالمرتبة الممتازة (صدر أمرا ملكيا يوم الأثنين 8 ديسمبر بتعيينه وزيرا للاتصالات وتقنية المعلومات ) .







لا تدع أحدا يهمِّش أو يهشِّم حلمك؛ إن السماء لا تلوّح بقوس الألوان إلا عندما يبلل قمصانها المطر، وكذلك أحلامنا لا تضيء إلا عندما تشرق إرادتنا.


مهما كانت ظروفك ووظيفتك فبوسعك أن تصل إذا أردت ذلك










بقلم عبدالله المغلوث

أوفى زوج في السعودية !!



كان البروفيسور، عبد الله عابد شيخ، عضو هيئة التدريس في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في الظهران، يعيش وزوجته الطبيبة حياة مثالية تماما. رزقهما الله ابنة وابنا، وقبل ذلك وظفيتين كانا يخططان لهما طوال العمر.

 جمعهما منزل واحد وأحلام مشتركة يتطلعان لاستكمالها معا، لكن أصابها مرض عضال لم يمهلها طويلا. تركته زوجته وحيدًا يلاحق الأحلام التي شيداها معا حلما حلما. فهكذا هو دأب الأيام الجميلة تمر سريعا، فما تلبث أن تستيقظ حتى تغفو ولا تكاد تشتعل حتى تخبو.


مر البروفيسورعبد الله بلحظات صعبة بعد وفاة شريكة حياته. استيقظ من غيبوبة حزنه متخذا قرارا مصيريا بأن لا يقترن بأخرى بعد وفاتها وفاء لها وحرصا على أن يكرس حياته لابنيه بعد أن أصبحت المهمة أصعب بعد رحيلها.


لم يستقدم البروفيسور عبد الله خادمة أو سائقا. كان يطهو ويغسل وينظف ويكوي بنفسه. تولى مسؤولية اصطحابهما إلى ومن المدرسة يوميا. لم يرغب في أن يشعرا بفقدها أو حاجتهما إلى أحد سواه.


لم تعد لديه حياة اجتماعية. سخر حياته للمنزل والجامعة. رغم تفانيه أستاذا ونشره في أهم الدوريات العلمية في تخصص الهندسة الكيميائية، إلا أنه رفض كل الفرص التي أتيحت أمامه ليتولى منصبا إدرايا في الجامعة. كان يدرك أن أي منصب كان سيسرق منه ساعات أحق بها ابنته نادين، وابنه هشام. حاول أشقاؤه وأقاربه أن يقنعوه بالزواج، لكنه ظل متمسكا بقراره، ولا سيما أنه يشاهد ابنيه يكبران ويتفوقان ويقتربان من الوصول إليه في طولهما وفكرهما.

عوضته صداقته بهما عن كل ملذات الحياة الأخرى. ابتسامتاهما كانتا الضوء الذي ينير أعماقه ويهديه إلى مزيد من العمل من أجلهما. مرت أكثر من 16 سنة على غياب زوجته دون أن يشعر بحاجته إلى امرأة أخرى تشغل حياته. كيف يفكر بأخرى وهي زرعت في حياته طفلين كبرا اليوم وأصبحا في الجامعة والثانوية. باتا صديقين حميمين يستشيرهما ويحلم بهما ومعهما.


نقرأ دائما عن وفاء الأزواج في الغرب ونكاد نجزم أنه لا يوجد شيء يشبهه في الشرق. لكن الأيام تثبت لنا دوما أن الوفاء ليس له جنسية. فهذا هو البروفيسور عبد الله، الأكاديمي السعودي، الشرقي، يؤكد أن لدينا تجارب لا تقل وفاء ودهشة.

تحية تقدير نوجهها لبروفيسورنا عبد الله، الذي جسد أسمى معاني الوفاء والإيثار والتضحية.

الوفاء هو النور، الذي يقودنا إلى مجتمعات أكثر إنسانية ونبلا.






بقلم عبدالله المغلوث

ماذا صنعت هذه الفتاة السعودية حتى أدهشت الجميع ؟!



نشأت الشابة، مجد أحمد حاسن (16 عاما) وهي تشاهد زوج خالتها المصاب بالرعاش وهو يسكب كوب قهوته على الأرض كلما أمسك الكوب إثر ارتعاشه الذي لا يجعله يسيطر على أطرافه جيداً.

ظلت مجد، الطالبة في مدارس سعد للمرحلة الثانوية بالخبر، تفكر طويلا في حل يساعد زوج خالتها على شرب قهوته المفضلة دون أن تندلق عليه وتحبطه وتحزنها.

 بحثت في الإنترنت فلم تعثر على شيء مناسب. رأت أنه لا خيار أمامها سوى اختراع كوب بنفسها يمنع السائل من الانسكاب عندما يمسكه المصاب بالرعاش.

أجرت تجارب عدة حتى وصلت إلى فكرة تتجسد في وضع كوب داخل الكوب وبينهما نوابض “زنبرك” تمتص الاهتزازات وتمنع السائل من التطاير. استوحت الفكرة من طريقة عمل النوابض، التي تفصل إطارات السيارة عن هيكلها وتحول دون اهتزاز المركبة مع حركة السيارة.

نالت الفكرة استحسان أساتذتها والقائمين على المسابقات، التي شاركت فيها مجد بسخاء، لكنها واجهت مشكلة في كيفية تحويل هذه الفكرة الواعدة، التي تقدمت ببراءة اختراع عليها، إلى نموذج أولي ملموس يصبح في متناول زوج خالتها والمصابين بالرعاش في أنحاء العالم.

شعرت مجد أن الحلم بات يصبح واقعا عندما قرأت تغريدة في موقع التدوين المصغر “تويتر” تتحدث عن مسابقة أسبوع النمذجة ينظمه فاب لاب الظهران (مختبر تشرف عليه “أرامكو السعودية” مع جامعة الملك فهد للبترول والمعادن)، ويساعد هذا الأسبوع أصحاب الأفكار على تحويل مشاريعهم من نموذج نظري إلى منتج حقيقي له قيمة تجارية وفكرية.

خضعت مجد خلال هذا الأسبوع إلى تدريب مكثف مع زميلاتها وزملائها في مختبر “فاب لاب الظهران” على أيدي مدربين ومدربات عالميين من مختبرات الفاب لاب في الهند وهولندا ومصر والكويت، في سبيل تحويل أفكارهم إلى نماذج أولية قابلة للتطوير.

تمكنت مجد بعد 100 ساعة عمل في المختبر من صنع أول نموذج أولي لفكرتها بيدها. تقول لي مجد وهي تمسك بكوبها الذكي الذي نفذته بنفسها في مختبر “فاب لاب الظهران”،

 بينما ترسم على محياها ابتسامة واسعة: “لقد اقتربت من المجد. سأسعد قريبا زوج خالتي والكثير من المصابين بالرعاش، إن شاء الله”. بعد أن مسك زوج خالتها الكوب الذي صنعته من أجله بيدها كادت أن تطير. جربت مجد أخيرا الإحساس الذي يعيشه أبوها يوميا كونه ضابط طيار لكن دون أن تقود طائرة.

 

كل منا يستطيع تجربة شعور الطيران  عندما نخلص لأفكارنا.

هذه ابنة الـ 16 ربيعا قامت بما عجز عنه الأوائل عندما وضعت هدفا نصب أعينها وآمنت به. الإيمان بقدراتنا يجعلنا نبدع وربما نطير.






بقلم عبدالله المغلوث

سلطان العذل ... الذي يدير عدة شركات و هو مشلول !!




كلما شاهدت عالم الفيزياء النظرية المرموق البريطاني، ستيفن هوكينج (68 عاماً)، وهو يحاضر بعينيه، تخنقني العبرة وتحتشد الدموع خلف أحداقي

وأسأل نفسي لماذا لا يعيش بين ظهرانينا إنسان بطموحه وقدرته على إبادة اليأس؟ لماذا ليس لدينا شخص يلاحق أحلامه الغفيرة بكرسي متحرك؟ فستيفن المصاب بالتصلب الضموري العضلي الجانبي المعروف بـ ((ALS، الذي خدر كل عضلاته وشل حركته، ولم يعد بوسعه التعبير إلا عن طريق عينيه، استطاع أن يملأ الغرب بالأمل. أشعل جذوة الحياة في نفوس الكثير من المرضى والأصحاء عبر مؤلفاته ونظرياته ومحاضراته وسيرته.

اكتشفتُ أخيرا أنني كنت مخطئا. فلدينا من يشبه هوكينج. من لديه قصة معاصرة تستحق أن تروى في مدارسنا، وفي جامعاتنا، وفي منازلنا، لكن للأسف لم يسلط الضوء عليها، لم تقدم لنا لنتناولها بدلا من أطباق القصص المستوردة المعلبة التي لا تقيم الأود.

إنها قصة المهندس سلطان محمد صالح العذل (50 عاما)، المصاب بنفس مرض هوكينج. المرض الذي عطل عضلاته، لكن لم يكبح طموحاته. فسلطان الذي تخرج متفوقا في الهندسة الكهربائية من جامعة بورتلاند بأمريكا عام 1980 يمتلك قصة نجاح تهز الوجدان وتحرك الأبدان، فعندما ابتلاه الله بالمرض شابا في عام 1997 وهو في مقتبل حياته العملية في القطاع الخاص لم يقنط من رحمته سبحانه وتعالى. استقبل الخطب الجلل برباطة جأش وثبات. لم يستكن للألم أو يرضخ للحزن أو ينتظر الموت ليسحبه من فراشه.

 أكمل مشواره الذي بدأه قبل مرضه بتأسيس شركة سمسا / فيديكس للشحن السريع ..كأن شيئا لم يكن. استطاع أن يتكيف مع ظروفه الجديدة متسلحا بإرادة حديدية تحطم الصعاب. فقد أصبحت اليوم شركته تغطي أكثر من 210 مدن وقرى في المملكة وتمتلك 105 أفرع. يقول لي ابنه الشاب نايف، مدير الشركة التنفيذي، إن والده خلف النجاح الهائل الذي تعيشه الشركة بفضل متابعته وأفكاره. فوالده سلطان يعمل ساعات طويلة يوميا، ويشرف على كل صغيرة وكبيرة، ولا يتمتع بأي إجازة سنوية. فمتعته الحقيقية تكمن في توسع شركته ونموها. واستشهد نايف بالجهد الوافر الذي بذله والده خلال الأزمة المالية العالمية الأخيرة، والذي مكن الشركة من تحقيق نمو لافت في أرباحها على عكس شركات عدة تكبدت خسائر بالجملة.

لم يكتف المهندس سلطان العذل بالنجاح الكبير الذي حققه في مجال الشحن السريع في المملكة ،إذ أسس نحو سبع شركات أخرى في مجالات مختلفة يشبع من خلالها نهمه وطموحه الذي لا ينتهي.

عدم قدرة العذل على الكلام واحتضان القلم أو العزف على كيبورد الكمبيوتر لم يحرمه من ممارسه شغفه بالبحث والكتابة، فقد أنفق العذل الكثير من وقته وماله باحثا ومستكشفا. ألف أخيرا كتابا يتناول أسرته وتجربته وزعه على أقربائه. يصفه الأستاذ محمد الفريح، مدير النشر المتخصص في شركة العبيكان، وهو يحمله بكلتا يديه: “إنه ليس ثقيلا حجما فحسب، بل قيمة أيضا”.

كتب العذل 2000 صفحة بعينيه عبر لوحة خاصة للمصابين بـ ALS. زرع كل حرف ببصره، وبقلبه، فيما بعضنا يعجز عن كتابة سطرين لأمه أو من يحب! إن أكثر ما يدهشك في سلطان العذل هو الحبور الذي يعلو ملامحه. فهو يؤمن أن من يزرع البسمة في وجهه، يحصد السعادة في قلوب الناس. هذه البهجة التي تقود العذل رغم معاناته نأمل أن تتفاقم في مجتمعنا الذي يسوده التشاؤم. أن يقطفها أطفالنا من مناهجنا ومكتباتنا وشاشاتنا ليعم التفاؤل الذي ينشده أي غيور على الوطن. فنحن بأمس الحاجة إلى أمثلة نقتفي أثرها.

تعزز أحلامنا وتجفف منابع يأسنا. لو نبت العذل في أرض أخرى لتصدرت صوره أغلفة المجلات والقنوات، لكن للأسف نسيناه وانشغلنا بلاعب نزق وجمل نفق! قصة نجاح العذل ومن على شاكلته من الصابرين المبدعين يجب أن تنتشر.. تتغلغل في أعماقنا. أن ترافقنا أينما ذهبنا. تسافر معنا في أحشائنا حتى لا نتقاعس أو ننتحب عندما نصاب برشح أو صداع أو جزع.. عندما تجرحنا سكين أو خيانة.

طموحاتنا يجب ألا تموت أو تتهشم مهما تعرضنا لهزات وإحباطات. مهما تعرضنا لأمراض أو ابتلاءات. فكما يقول نابليون بونابرت:”إنك بالإبرة تستطيع أن تحفر بئرا”. فمن يستطيع أن يتنفس بوسعه أن ينال أحلامه مهما كانت حدة آلامه، ولنا في كفاح العذل عبرة يا أولي الألباب.







بقلم عبدالله المغلوث

الكثير يفضل الطرق المعبدة ... القليل هم من يسلك الطرق الوعرة !!

الكل يسلك الطرق المعبدة. القليل هم من يسلك الطرق الوعرة. لكن هؤلاء القلة هم الذين يكتشفون ويخلدون.



أسوأ قرار يمكن أن يتخذه أحدنا هو استصغار ذاته. أن يرى أنه أقل من مهمة معينة أو أصغر من حلم محدد. على قدر طموحك تصل. إذا طموحاتك كانت صغيرة ستظل ضئيلاً، وإذا كانت كبيرة ستكون عملاقاً.

كل أولئك الذين نجحوا وتركوا خلفهم إرثاً بديعاً هم الذين سافروا إلى أحلامهم البعيدة. الذي لا يذهب لا يصل لأنه يظل يراوح مكانه. فمن يريد أن يحقق شيئاً ويترك بصمة عليه أن ييمم وجهه شطر الأحلام الكبيرة. الكل يسلك الطرق المعبدة. القليل هم من يسلك الطرق الوعرة. لكن هؤلاء القلة هم الذين يكتشفون ويخلدون. أما البقية مجرد عابرين تحسبهم أيقاظاً وهم رقود.

يعتقد المحامي “ويلي غاري” أن اعتداده بنفسه وثقته بقدراته هو الذي جعله محامياً لا يشق له غبار. كان يتجه إلى القضايا الصعبة التي يدير المحامون الآخرون ظهورهم لها. لا يترافع عن أي مدعٍ لديه قضية عادية أو بسيطة. يبحث عن القضايا المعقدة وغير المتوقع نجاحه أو غيره فيها. يؤمن أن القضايا العادية ستصنع منه محامياً تقليدياً، أما القضايا الاستثنائية ستمنحه ألقاباً لا حصر لها وستجعله اسماً يرتبط بالدهشة والإثارة والتميز.


انتزع من شركة ديزني نحو 240 مليون دولار، و139 مليون دولار من شركة انهيزر بوش. لم يتوقف الأمر عند ذلك. فلقد أجبر شركة التبغ العملاقة “ار جي رينولدز” بدفع مبلغ 23.6 مليار دولار تعويضات لأرملة مدخن قضى بسرطان الرئة في يوليو 2014.


ظل سنوات طويلة يترافع ويحشد الأدلة في قضية كانت المؤشرات جميعها تشير إلى خسارته فيها، كون آلاف القضايا التي رفعت على شركة “ار جي رينولدز” وغيرها من الشركات المماثلة صدأت وتساقطت. لكن “ويلي غاري” كان واثقاً من نفسه. صمد أمام كل التهكم الذي طاله طوال مدة دفاعه عن الأرملة. استخدم “غاري” كل الأسلحة ليفوز ويؤكد فرادته وتميزه واختلافه عن الآخرين. 

استثمر حتى النكت التي سخرت من دفاعه لمصلحته. صرخ أمام المحلفين والقضاة في إحدى الجلسات قائلاً: “شاهدوا أمريكا تسخر مني لأني أدافع عن امرأة فقدت زوجها بسبب شركة تدخين. بدلاً من أن يقفوا في صفي. تحالفوا ضدي. أنتم السبب. ظللتم عقوداً صامتين إزاء جرائم ترتكب ضد أهلنا وأسرنا فتبلد الإحساس عند مجتمعنا”.




لا أحد يستطيع أن يهزمنا سوانا. الإيمان بقدراتنا يجعل كل تحدياتنا تذوب.






بقلم عبدالله المغلوث

هل تعرف قصة حفايظ بامبرز ؟!

كان فيكتور ميلز بصدد دراسة الهندسة المدنية.

حلم حياته أن يبني جسرا في مسقط رأسه. يتطلع عندما يمر بمحاذاته أو عليه مع أصدقائه أو أحد أفراد أسرته يقول أنا من صمم هذا الجسر.

 سارت الأمور كما يجب. حصل على قبول فوري لدخول هذا التخصص. لكن انتقال خطيبته للتدريس في مدينة بيلينغام غير خريطة طريقه. اضطره للانتقال بجوارها. المشكلة أن جامعة هذه المدينة لا يتوافر فيها هذا التخصص، وقتئذ. اتجه إلى اختيار تخصص الهندسة الكيميائية مكرها. تخرج مهندسا كيميائيا دون أن يعرف أين سيعمل وماذا سيعمل. يعلم شيئا واحدا أنه لن يستطيع أن يصمم أو يبني جسرا مستقبلا. متيقن أنه لن يأخذ أحبته في جولة يوما ما؛ ليريهم جسره الذي تخيله طويلا.

التحق بشركة بروكتر وغامبل لصناعة المواد الاستهلاكية. انتقل بين أكثر من منتج وخط إنتاج. كان مهندسا اعتياديا. ظل لسنوات دون أن يترك انطباعا في أنه سيحدث فارقا أو فرقا. كان يؤدي مهامه على نحو نمطي لا يثير الانتباه أو الأسئلة. لكن في عام 1956 رأى فيكتور أن يستثمر مراكز أبحاث الشركة التي يعمل فيها للعمل على مشروع يضع حدا لمعاناته. تتجسد تلك المعاناة في إيجاد بديل للحفاضة القماشية التي ترتديها حفيدته ويضطر لغسيلها وتجفيفها باستمرار كلما كانت الصغيرة تحت مسؤوليته عندما تذهب ابنته مع زوجته في نزهة وحدهما في نهاية الأسبوع.

ترتكز فكرة الحفاضة الجديدة أن تستعمل لمرة واحدة ثم ترمى دون الحاجة إلى غسلها. نجح الفريق البحثي تحت قيادته في اختراع حفاضة “بامبرز”.

 واجه هذا الاختراع مشكلة رئيسة تتمثل في تكلفة إنتاجها العالية. لكن بعد مرور عدة شهور توصل فيكتور مع فريقه إلى حل يكفل الحصول على المواد الخام لإنتاج هذه الحفاضة بسعر أقل.

 كان فتحا كبيرا في صناعة المواد الاستهلاكية. جعل ميلز يصبح نجما كبيرا في شركته ووطنه خاصة بعد أن وصلت عوائد هذه الحفائض إلى ثلاثة مليارات دولار سنويا.

 
حرصت الحملة التسويقية على إظهار سهولة استخدام الحفاظات و خاصة لكبار السن عندما يغيرون للأطفال

 

لم تكافئ أمريكا فيكتور فحسب، بل كرمت زوجته جريس التي بسبب شدة تعلقه بها آثر الانتقال بجوارها وتغيير تخصصه مما أدى إلى هذا الاختراع. يزور اليوم منزل فيكتور وجريس في نبراسكا بأمريكا الذي يضم صورهما ومقتنياتهما الخاصة آلاف الزوار الذين يكيلون المدح لجريس.

 

المرء عندما يعيش حالة عشق بوسعه أن يصنع المعجزات. يقال إن وراء كل ناجح امرأة وأنا أقول إن وراء كل منتج ناجح قصة عشق مختلفة.

ربما لم يستطع فيكتور أن يري أحبته جسره الذي شيده في خياله، لكنه استطاع أن يري العالم إبداعه الذي سافر إلى الجميع وارتداه الكثير من أطفال العالم.





بقلم عبدالله المغلوث