الجمعة، 23 يناير 2015

بدرية التي فشلت لحد الحضيض ثم قام والدها بإنتشالها



تفوقت الشابة بدرية العنزي في مرحلة الثانوية العامة.

كانت من الأوائل على مستوى منطقة الرياض في تخصُّصها العلمي. رحبت بها كل كليات جامعة الملك سعود. اختارت كلية الطب؛ لتصبح مثل أبيها.

 تابعت تفوقها المبكر وحققت نتائج إيجابية، لكن في عامها الثالث تراجعت تدريجيا بعد أن افتتنت بالتصميم الرقمي والمنتديات الإلكترونية التي تعنى بالجرافيكس، ما أثر سلبا في درجاتها وتحصيلها. حاولت أن تجمع بين دراستها وهواية التصميم لكن لم تنجح. طردت من الجامعة بعد أن استنفدت كل الفرص التي أتيحت لها.

عاشت أياما عصيبة حتى افتتحت مع شقيقها شركة للتسويق والإعلان تساعدها على استثمار موهبتها كما ينبغي. ظلت أربع سنوات تكافح لتحصل على فرص جيدة في السوق دون أن تنجح. 

إيرادات شركتها لم تساعدها حتى على تسديد إيجار مقر المكتب. كانت تستدين أجور الموظفين الذين يعملون معها من أبيها. اضطرت بدرية لأن تغلق الشركة. الخسائر تتضاعف.

ما زاد من أوجاع بدرية هو مشاهدتها زميلاتها السابقات في كلية الطب يتخرجن في كلية الطب وهي لم تتخرج ولم تنجح في عملها الخاص. أحست أنها ماتت وهي ما زالت في عز شبابها.

حاول والدها أن يمسح أحزان ابنته وذلك بالتقاعد والإقامة في البحرين لتكمل ابنته دراستها بعد أن أوصدت معظم الجامعات السعودية أبوابها في وجهها بسبب سنها.

بعد أن حصلت على البكالوريوس ثم الماجستير من البحرين ذهبت برفقه أبيها إلى بريطانيا لدراسة الدكتوراه.

دفع والدها تكاليف دراستها في عامها الأول، ثم حصلت على منحة دراسية. ستحصل بدرية في هذا الصيف على درجة الدكتوراه في تخصص التصميم الرقمي.


يقوم آباؤنا بأدوار عظيمة في حياتنا. يدفعون ويضحون. يعملون ويجتهدون من أجلنا بصمت جليل.

إنهم خلف ابتسامة بدرية وابتسامة الكثير من البشر الذين يسيرون بمحاذاتنا في الشوارع. فتشوا في كل تجعيدة على رقابهم وجباههم. خلف كل واحدة منها تضحيات جمة وقصص هائلة.


محظوظ كل من يمشي على هذه الأرض وما زال ينعم بأبيه. دللوهم وأسعدوهم وقبلوا أياديهم قبل أن يختفوا، ولا تعثروا حتى على ظلالهم لتعانقوها وتحتضنوها. إن أصعب ما قد يواجهنا أن نركض بحثا عن آبائنا لنحتضنهم فنتعثر بسرابهم.







بقلم عبدالله المغلوث

هناك 5 تعليقات: